الأغلب لن تستوقفه او تزعجه بداية المقطوعة الموسيقية السابقة، الا انها في فترتها اثارت ضجة واستياء، حيث لم يجدها العالم انذاك الا بقطعة موسيقية قبيحة، اما اليوم؟
فما هو الجمال الموسيقي؟ الفيلسوف Immanuel Kant ادعى ان الجمال الموسيقي يكمن في المقطوعة الموسيقية نفسها، وليس في التفاصيل الصغيرة، وهو ما سماه الجمال الشكلي. Leonard B. Meyer طوّر هذه الفكرة بادعائه ان ما يجعل مبنى المعزوفة "جميل" هو قدرة المستمع على تنبأ الحدث القادم وتحققه، أي أن جمال المعزوفة ينبع من المبنى التسلسلي المقبول على منطق المستمع.
الا ان التجديدات في الفترات الموسيقية المختلفة تخرق القوالب وقدرة المستمع على تنبأ الحدث! مما يجعل من مقطوعة فاغنر ومقطوعات اخرى – معزوفات "قبيحة" في حقبتها. ففي بداية معزوفة فاغنر السابقة مثلا: يدخلنا الملحن الى شعور من التوتر، وفي حين نتوقع ارتخاء التوتر بسب القوالب المتبعة يقوم فاغنر بمضاعفة التوتر وازعاج المستمع ذات الاذن الرومانسية (قرن الـ 18) ..
فماذا تغير من 1865 حتى اليوم؟ Meyer اقترح عامل اخر يحوّل المعزوفة الى "جميلة" وهو التكرار. التكرار يحول النشاز الى هارمونيا ويؤدي الى بناء "قوالب" جديدة في الدماغ الانساني، وبالتالي يطور لدينا منطق موسيقي مختلف، كان مرفوضًا يومًا.
الوجه الايجابي للقدرة على التكييف افرز فن رفيع في حالة الموسيقى، الا ان فكرة التكييف وقابلية تغيير المنطق الانساني العام من خلال التكرار- لجعله "عادة"، يثير لدّي تسؤالات وبعض القلق الوجودي..
بالوضع المنيح - الحكي عن اوبيرا، بأوضاع مأساوية - الحكي ممكن يكون عن وقائع قتل وفقر وتشريد شعوب...
هناك 3 تعليقات:
جميل جدا ومثري جدا
دائما لدي تساؤل مشابه حول موسيقى "حرة" مثل الجاز. كثير من الجاز الالاتي يطرح قراءات موسيقية غير ميلودية قطعا اراها احيانا قراءة شخصانية أكثر من اللازم يصعب على المستمع (الذي هو أنا بالضرورة محالا الى مستمع متخيل) فهمها او التماهي معها. عندما استمع اليها ثانية اتذوقها عقليا بشكل أكبر ولكن حسيا مهما سمعتها تظل هناك صعوبة في التماهي معها تماما وجدانيا....طبعا هناك مستمعون لل HEAVY JAZZ لكن انا احب بشكل خاص هؤلاء الذين يقدمون قراءات موسيقية تبرهن ان ال VIRTUSO هو حقا من يطوع الالة والنص الموسيقي لمشاعره (طبعا بعد ان يسيطر عليهما تقنيا).
مثال على ذلك الغيتاريست جيم هول وقرائته المبدعة لكونشيرتو ارانخويز هو وثلة من عازفي الجاز العظام مثل تشت بيكر في البومه المثالي والذي لم يأخذ حقه CONCIERTO
مثال اخر والشيء بالشيء يذكر هو القراءة التي قدمها باكو دي لوسيا لنفس المقطوعة (كونشيرتو دي ارانخويز) التي عزفت على القيثارة مئات او الاف المرات ولكنه تفرد بقرائته التي ادخل اليها عناصر من الفلامنكو الذي يختلف جدا كمدرسة موسيقية عن الكلاسيكي دون ان يكسر النص فبهرت قرائته ملحنها رودريغز نفسه.
كان من الرائع مشاهدة MASTER CLASS مسجل من السبعينيات قدمه أحد الملحنين الكبار (برنستاين ربما)وخاصة الملاحظات التي كان يبديها لعازفين موهوبين حول مقطوعات معينة ...مثلا: لماذا تقتل المقطوعة..أشعر بالتدفق...واشياء من هذا القبيل...كلها ملاحظات حسية تعالج روح المقطوعة الواجب عكسه في الاداء
ما كتبته مشوق جدا من الناحية النظرية ولكن بالنسبة لي أنا - مستمع- وليس أكاديمي موسيقي مثلك, الموسيقى الجميلة تنحصر ربما في ما احسه في الوجدان, جسديا ايضا...أنا من المؤمنين جدا بالانطباع الاول في الموسيقى - وفي رأيي داخل كل شخص هناك خارطة موسيقية تشكلت خلال حياته بدئا بما سمعه في الرحم مرورا بالتهليلات ومن ثم مكانة الموسيقى في حياته وفضوله كمتذوق
وجدانيا انا اتماهى تماما مع باخ وفيفالدي وبراهمز واحب بالذات
لكني ساسأل نفسي لاحقا ما الذي يجذبني بنيويا في النصوص
من المنعش ان يقرأ المرء عن الموسيقى وفلسفتها
كاستراحة مؤقتة من فلسفة القمع والابادة والتخاذل على الشاشة.
شكرا واسف على الاطالة
لا أعرف ماذا يدور جيداً في هذه الحقبة من المدونة .. لكن مع الموسيقى وعلم الجمال .. أستذكرُ شوبنهاور ونظرياتهِ .. وموسيقى فاجنر المغنَّاة.. وإنزعاج نيتشه الجنوني منها بعدَ أن أحبهاوكتب متأثراً بها أولَ مؤلفاتهِ "الموسيقى"، فيصرخُ بعدَ أن تقوّس ظهرهث قليلاً وأمرَضَهُ عقلهُ- فيما معناهُ- هل نستمتعُ بالاستماعِ للنوم أم للنهوض ؟
في النهاية .. هنا جوّ اخر .. أحبّهُ
شكراً لك
أعزائي - يسعدني ايجاد من يشاركني اهتمامي :)
لدي بعد التعقيبات.. الا انني حاليًا لست بمزاج للكتابة عن الموضوع..
إرسال تعليق