09‏/02‏/2013

انتفاضة المرأة في العالم العربي على المرأة العربية

 "تل أبيب: احتجاجا على الإرهاب الجنسي تجاه المتظاهرات في مصر"، هذا عنوان التظاهرة التي ستقام يوم الثلاثاء الموافق 12.2.2013  مقابل السفارة المصرية في تل أبيب، وهي استجابة مجموعة إسرائيلية لمبادرة صفحة "انتفاضة المرأة في العالم العربي" في الفيسبوك، للتظاهر أمام السفارات المصريّة في الدول المختلفة، احتجاجًا على ما أسمينه بـ "الإرهاب الجنسي المُمارس على المتظاهرات المصريّات."

نظرة سريعة على صفحة المجموعة الإسرائيلية القائمة على التظاهرة، تحت عنوان "فتح صفحة جديدة من أجل السلام"، تكشف لنا (إضافة إلى استعمالهم المستمر لترجمة "جوجل ترانسليت" السيئة) أن مواقف المجموعة بعيدة عن رفض الأيديلوجية الصهيونيّة، فهي تتغاضى عن معاناة الفلسطينيين اليومية وتصب جلّ اهتمامها بتصوير واقع يتساوى فيه الفلسطيني المستَعمَر والإسرائيلي المستعمِر، وبالتالي على كلا الجهتين الإصغاء بشكل أفضل للجهة الأخرى لبناء واقع التعايش "المراد".

وبهذا تطل علينا المجموعة بصفحة "ايفنت" إضافية، كسائر صفحات الدعوات، تدعو للتظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب. وكأن إسرائيل، دولة أخرى، وكأن وجود سفارة مصرية في إسرائيل، أمر عادي، وكأن تضامن صهاينة مع الشعب المصري أمر منطقي.
في الحقيقة، نعم – إنه أمر عادي ومنطقي، عندما يكون الطرح الأصلي غير مسيساً ويتعامل مع التحرش الجنسي كظاهرة قابلة للاقتلاع من بيئتها وتجريدها من سياقها السياسي. إن عدم التسيس يأتي بمثابة أسلوب ثابت لمجموعة "انتفاضة المرأة العربية" بهدف الجماهيريّة. ففي مبادرتها السابقة وفّرت الصفحة منصة مفتوحة لأي تفسير تجده المشاركة أو يجده المشارك مناسباً لتفسير النسوية - لن أخوض هنا النقاش حول آلية العمل وجمهور الهدف ومضامين الشعارات رغم أهميتها للطرح – إلا أن الشعارات الفضفاضة، البعيدة عن تسييس القضايا المثارة ومناقشتها بجدية وبعمق في كل منطقة، وإطار بارز جداً.

يستمر هذا الأسلوب غير المسيس، أيضاً في المبادرة الحالية - فمفاد رسالة التظاهرات هي إدانة كل من الحزب الحاكم في مصر، الشرطة المصريّة والحكومات المصريّة لعدم تعاملها الصارم مع التحرشات الجنسيّة. كما وتدين المبادرة تقبّل المجتمع المصري لظاهرة التحرّش والعنف الجنسي والتهميش الإعلامي للقضية.

هذه الدعوة التي تصلح لأن تكون نداء ضد التحرش في أي دولة كانت، تهمّش كون التحرش الجنسي ضد النساء في الحيز السياسي العام منوط أولا بماهية المرأة ككائن سياسي (political subject) وكون التحرش أداة  لقمع الثورات والتحركات السياسية في المجتمعات العربية (مثالاً وليس للحصر، استغلال الاستعمار الفرنسي لها في الجزائر). هذا الأسلوب له عدة تبعيات، بعضها قد تكون مضادة للمشروع الثوري والذي يشترط بالنسوية. من هذه التبعيات:

أن تتم مظاهرة في عمان وفي رام الله وفي سوريا وفي أماكن أخرى مع نفس الدعوة الموحدة التي لا تمت بصلة لهذه الاماكن – وكأن التحرشات الجنسية ليست أسلوباً لقمع المرأة سياسياً أيضاً في هذه البلدان، كما ولا توجد تحركات جديّة فيها للتصدي لها ولتسليط الضوء عليها. ولعل سوريا هي مثالاً بارزاً، حيث أن التحرش الجنسي يستعمل كإحدى أداوات القمع السياسي، خاصة في السنتين الأخيرتين.

أي أنها تخلق وضعاً مزيفاً، فيه تتظاهر النساء ضد التحرش الجنسي في مصر بينما تتغاضى عن التحرك ضد التحرش الجنسي في دوائرها القريبة. وذلك تماما ما يسمح للصهيوني بأن يقمع الفلسطيني وبذات النفس أن يتظاهر ضد قمع النساء في مصر.
نتيجة أخرى هي بتكوين واقع يمكن فيه التعامل مع التحرش الجنسي كظاهرة منفصلة، وليست جزءاً من نهج تفكير – يقمع كل من يرفض سياسة المنظومة الحاكمة. فتقسيم التفكير الثوري إلى مجالات منفصلة جداً خطر، إذ يفرض التعامل مع كل منها على حدة، وبذلك تخسر منطقها. خاصة وأن الواقع لا يحتمل هذا التقسيم، إذ أن الحريات "الفردية" من دون سياقها السياسي والاجتماعي، توفر منصة لمجموعات عنصرية لا صلة لهم في ممارسة التفكير النسوي، سوى شعارات حقوق الإنسان الفرديّة، بعيداً عن معانيها وحيثياتها.

*من الجدير الإشارة إلى أن دعوة التظاهرة بيافا وهي مبادرة فلسطينية منفصلة عن المبادرة الإسرائيلية، تختلف بعض الشيء عن باقي الدعوات، إذ تشدد على القضايا الفلسطينية المحلية، مستعينة بالنسوية كنهج فكري ومنطق يرفض القمع على أشكاله، متعدية بهذا - الإطار الجندري دون التخلي عنه. ومن خلال رفض الدعوة التظاهر مقابل السفارة المصرية في تل أبيب، تسجل موقفاً سياسياً ضد التطبيع. إلا أن هذه الدعوة تعود للمبادرات في فلسطين وليست ضمن أسلوب أو منطق صفحة "انتفاضة المرأة العربية".


03‏/02‏/2013

وياسمينة

الوقائع الغربية في اختفاء الياسمين..

*الصورة لـ ياسمينة عاشت في دفتري حتى البارحة