26‏/08‏/2017

سوزان مرة أخرى

سوزان، نينا سيمون
تطاردني أغنية سوزان بصوت نينا منذ فترة طويلة، وفي كل مرة يفرض علي صوت نينا أن أصغي للكلمات ونبرة الغناء والمشهد الذي تكونه امامي وكأنها المرة الأولى. سوزان، صديقة نينا أو نينا ذاتها تظهر كشخصيّة حقيقيّة، مألوفة، أكاد أعرفها، أكاد أتذكرها. نبرة نينا، تعطي كلمات ليناردو كوهن معاني إضافيّة، فالمونولوج عند كاسر الأمواج والأجوبة الغير محكيّة وتفاصيل حياة سوزان، تجعل الأغنية قريبة من أغاني نينا كـ"أربعة نساء" - فنينا التي ترسم البورتريه لنساء حقيقيّة، إستعارت سوزان لتقدم شخصيّة أخرى متهمة بالجنون.

سوزان، ليناردو كوهن
هذه السوزان مختلفة، صوت ليناردو المنتظم، دون موجات نينا وإنكسارهن يجعل من المشهد المتحرك رسمة متجمدة. يقدم ليناردو كل جملة على حدة، مع بداية ونهاية واضحة. صوته الرجولي لتفاصيل حياة سوزان تجعله يسرد الأغنية كمشاهد، كشخص آخر، ذات وجود مؤقت. أما نبرته حزينة وبعيدة، لعلّه كان يعلم بما سيأتي. في مقابلات أجريتها سوزان فيردال (التي كُتب عنها الأغنية)، تبوح حول كون الأغنية نقطة وداع، وبداية إبتعاد ليناردو. في المقابلات، تجيب سوزان على الأغنية بالواقع البعيد عن الروح الشبابيّة وسحر السفر والأطعمة والشموع. في واقعها، وبعد عقود عن الأغنية، تخسر سوزان بيتها وتعيش في شاحنة متنقلة، وليناردو الذي تحول الى شخصيّة معروفة وغنيّة، يختار ألّا يقترب، أن يبقى بعيدا ويغني لسوزان الشابة.