13‏/04‏/2013

ملاحظات عن أوهام التواصل

تنص آخر خبريّة على أنه فرقة آخر زفير من الأردن رح يعرضوا بالجولان المحتل بأواخر حزيران ضمن مهرجان موسيقي تحت عنوان مهرجان الموسيقى البديلة*. يأتي هذا الحفل بعد عرض فرقة أردنيّة أخرى باسم "أوتستراد" في الناصرة قبل بضعة شهور. لن أخوض هنا في الحديث المعتاد عن الفيزا والتطبيع والجدل حول مسألة زيارة فنانين من العالم العربي الى الداخل الفلسطيني، إذ أنها برأيي نتيجة فحسب وليست الإشكاليّة بعينها، تلك التي تكمن في انعدام أي تفكير جدي على جميع الأصعدة حول الجدار الفاصل الثقافي بين فلسطين والعالم العربي، ممّا يتيح استغلال هذه الفجوة دون خوض أي نقاش جدي حول الاستراتيجيّات والنتائج.
أما في هذا النص، أود أن أنوّه للسياق المُختلق من قبل الكثيرين في هذه العروض في الضفة الغربيّة ومؤخرًا في الـ48 أيضاً، والمتمثّل في ادعاءات "التواصل" الوهمي وأهميته كردّ على "تهمة" التطبيع.

تواصل إيه؟
في الحقيقة، وحتى لحظة المباشرة في التسويق لهذه العروض، يتمحور عادة الخطاب المتداول حول الماديّات. مثالاً وليس للحصر سعر بطاقة حفلة فرقة أوتستراد الباهظ جداً في رام الله في العام المنصرم. وهنا لا يمكن تجاهل الخلل في المعادلة - كيف يتماشى اختيار رام الله بالذات (مع كل ما تحويه هذه المدينة) من مدن الضفة الغربيّة وبهذا السعر مع فرقة تضع التواصل كجزء من أجندتها (حسب ادعاءات مروجي هذه الحفلات في الـ48). قد يتجلّى هذا الخلل في أوضح صوره بموطن الفرقة ذاتها، والتي ليست سوى رام الله - الأردن، أي عمّان الغربيّة، أي ذات الفئة - حاضنة الاستثمارات ومكرّسة الطبقيّة، والتي تعتاش وتتنفس على حساب عمّان الشرقيّة.
إلا أن فرق الموسيقى "البديلة" مثل أوتستراد وآخر زفير وغيرهما من الفرق الموسيقيّى في عمّان الغربيّة لم نراها تسعى لـ "التواصل" الفعلي أو الفنّي مع الضفة الأخرى من نفس المدينة. وبالرغم من ذلك، ها هي تأتينا هنا الى فلسطين تحت حملة، عنوانها التواصل، لا غير (!)

بديلة؟
تساؤل آخر يعود إلى فحوى ما يطرحه المهرجان ذاته. إذ بينما نرى أن العنوان يسوّق المهرجان على أنه "مهرجان الموسيقى البديلة "عالطبيعة، نجد أن فرقة "آخر زفير" على سبيل المثال تقدّم موسيقى الروك، وهي موسيقى تنتسب للموسيقى التجارية (المين-ستريم) بقوالبها الثابتة ومعادلاتها المعروفة مسبقًا والمتوقعة حتى قبل الإستماع إليها، تلك المقطوعات التي توفّر علينا عملية التفكير، وتغذينا بمتغيرات خفيفة لطيفة (؟)، بالإضافة إلى أنها لا تؤثر على المبنى الموسيقي للمقطوعة مما يؤدي إلى فقدان جوهرها (أدورنو).

بلورة نقاش ورؤية
زيف الادعاءات المبدئيّة وترويج العروض ضمن إطار آيديلوجي واعي ينفضح مرة أخرى بنتائج العرض الذي قدمته فرقة أوتستراد في مدينة الناصرة، حيث عبّر أحد أعضاء الفرقة ضمن نقاش حول العرض عن امكانيّة تقديم أغنية باللغة العبريّة لجمهور فلسطينيي الـ48. فقد نفهم من ذلك أن خطة التواصل نجحت حقاً - ما بين فنان أردني والأسرلة، لنسقط "سهواً" مرة أخرى.
يجب ألاّ يقتصر مغزى الجملة السابقة على الاستنتاجات بخصوص مدى زيف خطاب التواصل والمعاني الوطنية فحسب، بل عليه أن يتعدّى ذلك ويعيدنا للحلقة الناقصة والأهم، وهي بلورة نقاش حول السؤال: كيف، نحن كمجتمع فلسطيني داخل الـ48، سنكسر الحصار الثقافي الذي فرضه الاحتلال علينا، وماذا عن ماهية وأبعاد كل خطوة نختار فعلها في هذا الموضوع، وتأثيرها علينا وعلى العالم العربي؟
أو على الأقل يجدر بنا، مواجهة أنفسنا بالسؤال - لماذا نريد هذه العروض حقاً، وما هي نتائجها ومعناها بالصورة الأوسع؟ ولنتحدث عنها بمصطلحات صريحة؟
 


هل قلتم طبيعة؟


09‏/02‏/2013

انتفاضة المرأة في العالم العربي على المرأة العربية

 "تل أبيب: احتجاجا على الإرهاب الجنسي تجاه المتظاهرات في مصر"، هذا عنوان التظاهرة التي ستقام يوم الثلاثاء الموافق 12.2.2013  مقابل السفارة المصرية في تل أبيب، وهي استجابة مجموعة إسرائيلية لمبادرة صفحة "انتفاضة المرأة في العالم العربي" في الفيسبوك، للتظاهر أمام السفارات المصريّة في الدول المختلفة، احتجاجًا على ما أسمينه بـ "الإرهاب الجنسي المُمارس على المتظاهرات المصريّات."

نظرة سريعة على صفحة المجموعة الإسرائيلية القائمة على التظاهرة، تحت عنوان "فتح صفحة جديدة من أجل السلام"، تكشف لنا (إضافة إلى استعمالهم المستمر لترجمة "جوجل ترانسليت" السيئة) أن مواقف المجموعة بعيدة عن رفض الأيديلوجية الصهيونيّة، فهي تتغاضى عن معاناة الفلسطينيين اليومية وتصب جلّ اهتمامها بتصوير واقع يتساوى فيه الفلسطيني المستَعمَر والإسرائيلي المستعمِر، وبالتالي على كلا الجهتين الإصغاء بشكل أفضل للجهة الأخرى لبناء واقع التعايش "المراد".

وبهذا تطل علينا المجموعة بصفحة "ايفنت" إضافية، كسائر صفحات الدعوات، تدعو للتظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب. وكأن إسرائيل، دولة أخرى، وكأن وجود سفارة مصرية في إسرائيل، أمر عادي، وكأن تضامن صهاينة مع الشعب المصري أمر منطقي.
في الحقيقة، نعم – إنه أمر عادي ومنطقي، عندما يكون الطرح الأصلي غير مسيساً ويتعامل مع التحرش الجنسي كظاهرة قابلة للاقتلاع من بيئتها وتجريدها من سياقها السياسي. إن عدم التسيس يأتي بمثابة أسلوب ثابت لمجموعة "انتفاضة المرأة العربية" بهدف الجماهيريّة. ففي مبادرتها السابقة وفّرت الصفحة منصة مفتوحة لأي تفسير تجده المشاركة أو يجده المشارك مناسباً لتفسير النسوية - لن أخوض هنا النقاش حول آلية العمل وجمهور الهدف ومضامين الشعارات رغم أهميتها للطرح – إلا أن الشعارات الفضفاضة، البعيدة عن تسييس القضايا المثارة ومناقشتها بجدية وبعمق في كل منطقة، وإطار بارز جداً.

يستمر هذا الأسلوب غير المسيس، أيضاً في المبادرة الحالية - فمفاد رسالة التظاهرات هي إدانة كل من الحزب الحاكم في مصر، الشرطة المصريّة والحكومات المصريّة لعدم تعاملها الصارم مع التحرشات الجنسيّة. كما وتدين المبادرة تقبّل المجتمع المصري لظاهرة التحرّش والعنف الجنسي والتهميش الإعلامي للقضية.

هذه الدعوة التي تصلح لأن تكون نداء ضد التحرش في أي دولة كانت، تهمّش كون التحرش الجنسي ضد النساء في الحيز السياسي العام منوط أولا بماهية المرأة ككائن سياسي (political subject) وكون التحرش أداة  لقمع الثورات والتحركات السياسية في المجتمعات العربية (مثالاً وليس للحصر، استغلال الاستعمار الفرنسي لها في الجزائر). هذا الأسلوب له عدة تبعيات، بعضها قد تكون مضادة للمشروع الثوري والذي يشترط بالنسوية. من هذه التبعيات:

أن تتم مظاهرة في عمان وفي رام الله وفي سوريا وفي أماكن أخرى مع نفس الدعوة الموحدة التي لا تمت بصلة لهذه الاماكن – وكأن التحرشات الجنسية ليست أسلوباً لقمع المرأة سياسياً أيضاً في هذه البلدان، كما ولا توجد تحركات جديّة فيها للتصدي لها ولتسليط الضوء عليها. ولعل سوريا هي مثالاً بارزاً، حيث أن التحرش الجنسي يستعمل كإحدى أداوات القمع السياسي، خاصة في السنتين الأخيرتين.

أي أنها تخلق وضعاً مزيفاً، فيه تتظاهر النساء ضد التحرش الجنسي في مصر بينما تتغاضى عن التحرك ضد التحرش الجنسي في دوائرها القريبة. وذلك تماما ما يسمح للصهيوني بأن يقمع الفلسطيني وبذات النفس أن يتظاهر ضد قمع النساء في مصر.
نتيجة أخرى هي بتكوين واقع يمكن فيه التعامل مع التحرش الجنسي كظاهرة منفصلة، وليست جزءاً من نهج تفكير – يقمع كل من يرفض سياسة المنظومة الحاكمة. فتقسيم التفكير الثوري إلى مجالات منفصلة جداً خطر، إذ يفرض التعامل مع كل منها على حدة، وبذلك تخسر منطقها. خاصة وأن الواقع لا يحتمل هذا التقسيم، إذ أن الحريات "الفردية" من دون سياقها السياسي والاجتماعي، توفر منصة لمجموعات عنصرية لا صلة لهم في ممارسة التفكير النسوي، سوى شعارات حقوق الإنسان الفرديّة، بعيداً عن معانيها وحيثياتها.

*من الجدير الإشارة إلى أن دعوة التظاهرة بيافا وهي مبادرة فلسطينية منفصلة عن المبادرة الإسرائيلية، تختلف بعض الشيء عن باقي الدعوات، إذ تشدد على القضايا الفلسطينية المحلية، مستعينة بالنسوية كنهج فكري ومنطق يرفض القمع على أشكاله، متعدية بهذا - الإطار الجندري دون التخلي عنه. ومن خلال رفض الدعوة التظاهر مقابل السفارة المصرية في تل أبيب، تسجل موقفاً سياسياً ضد التطبيع. إلا أن هذه الدعوة تعود للمبادرات في فلسطين وليست ضمن أسلوب أو منطق صفحة "انتفاضة المرأة العربية".


03‏/02‏/2013

وياسمينة

الوقائع الغربية في اختفاء الياسمين..

*الصورة لـ ياسمينة عاشت في دفتري حتى البارحة


04‏/01‏/2013

رسالة من المستقبل

يا عرافة انه سقوط حر من اعلى بناية قد تتخيلها، في البداية تشعر بالرعب وتدور براسك جميع السيناريوهات الممكنة، ومع الوقت تنتبه لايقاع رفرفة بلوزتك في الهواء، ويبدو وكأنه ايقاع رقصة كنت تعرفها وانت طفل، شعور دافئ نسيته لكنه وجدك بالذات بتلك اللحظة، فتنسى كل شي وتنسى السقوط وتصدق انك تحلق وانك تملك كل الوقت بالعالم وانك ستنجو وانك تستطيع احتواء كل شي - فانك تستطيع احتواء الذكريات وتستطيع احتواء جميع الجروحات وذاك الألم المتشبث في القلب، وتستطيع احتواء جميع الاحلام التي لن تتحقق ابدا، وانك تحلق تحلق الى الأبد بايقاع رقصة عرفتها قبل كل شيء.


في أحيانٍ كثيرة تسقط في النوم أشياء صغيرة وممتعة: الطريقة التي جلستْ بها على رجليك وهي تقبّلك والتي لن تغادرك أبداً

"يدي على يدك

كلاهما

في تجويف

شجرة

سماءُ واحدة ُ تلاحق

سماءً أخرى

كلاهما

تلتهمان العناصر

وتصعدان صوب القمر.

أخضرُ هو لون

الفضاء."



إتيل عدنان