تنص آخر خبريّة على أنه فرقة آخر زفير من الأردن رح يعرضوا بالجولان المحتل بأواخر حزيران ضمن مهرجان موسيقي تحت عنوان مهرجان الموسيقى البديلة*. يأتي هذا الحفل بعد عرض فرقة أردنيّة أخرى باسم "أوتستراد" في الناصرة قبل بضعة شهور. لن أخوض هنا في الحديث المعتاد عن الفيزا والتطبيع والجدل حول مسألة زيارة فنانين من العالم العربي الى الداخل الفلسطيني، إذ أنها برأيي نتيجة فحسب وليست الإشكاليّة بعينها، تلك التي تكمن في انعدام أي تفكير جدي على جميع الأصعدة حول الجدار الفاصل الثقافي بين فلسطين والعالم العربي، ممّا يتيح استغلال هذه الفجوة دون خوض أي نقاش جدي حول الاستراتيجيّات والنتائج.
أما في هذا النص، أود أن أنوّه للسياق المُختلق من قبل الكثيرين في هذه العروض في الضفة الغربيّة ومؤخرًا في الـ48 أيضاً، والمتمثّل في ادعاءات "التواصل" الوهمي وأهميته كردّ على "تهمة" التطبيع.
تواصل إيه؟
أما في هذا النص، أود أن أنوّه للسياق المُختلق من قبل الكثيرين في هذه العروض في الضفة الغربيّة ومؤخرًا في الـ48 أيضاً، والمتمثّل في ادعاءات "التواصل" الوهمي وأهميته كردّ على "تهمة" التطبيع.
تواصل إيه؟
في الحقيقة، وحتى لحظة المباشرة في التسويق لهذه العروض، يتمحور عادة الخطاب المتداول حول الماديّات. مثالاً وليس للحصر سعر بطاقة حفلة فرقة أوتستراد الباهظ جداً في رام الله في العام المنصرم. وهنا لا يمكن تجاهل الخلل في المعادلة - كيف يتماشى اختيار رام الله بالذات (مع كل ما تحويه هذه المدينة) من مدن الضفة الغربيّة وبهذا السعر مع فرقة تضع التواصل كجزء من أجندتها (حسب ادعاءات مروجي هذه الحفلات في الـ48). قد يتجلّى هذا الخلل في أوضح صوره بموطن الفرقة ذاتها، والتي ليست سوى رام الله - الأردن، أي عمّان الغربيّة، أي ذات الفئة - حاضنة الاستثمارات ومكرّسة الطبقيّة، والتي تعتاش وتتنفس على حساب عمّان الشرقيّة.
إلا أن فرق الموسيقى "البديلة" مثل أوتستراد وآخر زفير وغيرهما من الفرق الموسيقيّى في عمّان الغربيّة لم نراها تسعى لـ "التواصل" الفعلي أو الفنّي مع الضفة الأخرى من نفس المدينة. وبالرغم من ذلك، ها هي تأتينا هنا الى فلسطين تحت حملة، عنوانها التواصل، لا غير (!)
إلا أن فرق الموسيقى "البديلة" مثل أوتستراد وآخر زفير وغيرهما من الفرق الموسيقيّى في عمّان الغربيّة لم نراها تسعى لـ "التواصل" الفعلي أو الفنّي مع الضفة الأخرى من نفس المدينة. وبالرغم من ذلك، ها هي تأتينا هنا الى فلسطين تحت حملة، عنوانها التواصل، لا غير (!)
بديلة؟
تساؤل آخر يعود إلى فحوى ما يطرحه المهرجان ذاته. إذ بينما نرى أن العنوان يسوّق المهرجان على أنه "مهرجان الموسيقى البديلة "عالطبيعة، نجد أن فرقة "آخر زفير" على سبيل المثال تقدّم موسيقى الروك، وهي موسيقى تنتسب للموسيقى التجارية (المين-ستريم) بقوالبها الثابتة ومعادلاتها المعروفة مسبقًا والمتوقعة حتى قبل الإستماع إليها، تلك المقطوعات التي توفّر علينا عملية التفكير، وتغذينا بمتغيرات خفيفة لطيفة (؟)، بالإضافة إلى أنها لا تؤثر على المبنى الموسيقي للمقطوعة مما يؤدي إلى فقدان جوهرها (أدورنو).
بلورة نقاش ورؤية
يجب ألاّ يقتصر مغزى الجملة السابقة على الاستنتاجات بخصوص مدى زيف خطاب التواصل والمعاني الوطنية فحسب، بل عليه أن يتعدّى ذلك ويعيدنا للحلقة الناقصة والأهم، وهي بلورة نقاش حول السؤال: كيف، نحن كمجتمع فلسطيني داخل الـ48، سنكسر الحصار الثقافي الذي فرضه الاحتلال علينا، وماذا عن ماهية وأبعاد كل خطوة نختار فعلها في هذا الموضوع، وتأثيرها علينا وعلى العالم العربي؟
أو على الأقل يجدر بنا، مواجهة أنفسنا بالسؤال - لماذا نريد هذه العروض حقاً، وما هي نتائجها ومعناها بالصورة الأوسع؟ ولنتحدث عنها بمصطلحات صريحة؟
هل قلتم طبيعة؟