14‏/12‏/2010

بلا عنوان

كل فلسطيني يعرف هذا الشعور.. حينما نسمع تلك الجمله.. فجأة يظهر على وجوهنا الاشمئزاز وتضاف لعمليه الزفير مرافقة موسيقية ملحوظة وثقيلة كنغمة اله الترومبون ومن ثم يدخل صوت احتكاك الاسنان بدور الايقاع حتى تصل السميفونيا الى قمتها.. فنسمع أنفسنا نقول جمله مستهزئة او شتيمه ما.

طبعًا الحكي عن اللحظة التي نسمع فيها جملة "اوووه مااي جود!!" بلهجة أمريكية ثقيلة (وقد يكون هنالك اجماع عام على ان ظاهرة "او ماي جود" هي بلا شك من أسوء نتائج النكبة). بعد هذا النداء العلني الدرامي لله تظهر شخصيات بيضاء تلبس ال"سويتشر" الملون و"شورت" قصير جدا وكاميرا "ديجتال"... والتتمة معروفة.

البارحة جلست في محطة باص وبينما كنت احاول مقاومة برد القدس، قررت ان اتابع الاغراض المتطايرة أمامي حتى لا تتجمد نيرونات عقلي.. وفجأه رأيت بين الاشلاء المتطايرة زوج امريكان، يلبسان السويتشر التقليدي ولكن مكان الشورت قاموا بربط مناشف مخططه بالاصفر والاحمر حول أوساطهم! بعد لحظة اختفى الزوج داخل العاصفة. لم يتبسم الزوج، ولم يبحلقوا أعينهم ولم يرددوا نشيدهم الوطني "اوه ماي جود.. اوه ماي جود". نظرت الى الطريق التي ابتلعتهم وفجأة سمعت نفسي أقول "اوه ماي جود".

04‏/12‏/2010

فالس بلا أمل

بدأت كتابة هذا النص قبل قراءة تقرير بشير صفير في جريدة الأخبار اللبنانية "زياد الرحباني... أغنية شعبيّة عربيّة" ولكن كأغلب بدايات كتاباتي كانت ستبقى بداية لولا هذا التقرير. اذا "ايه في أمل".. كما ذكر صفير أكثر الأمور الجذابة في هذه الأغنية هو مدى انسجام الموسيقى مع الكلمات.

موسيقى "ايه في امل" تعود إلى نوع "الفالس"، وهو جانير موسيقي راقص، يتميز بإقاعه الثلاثي. بدأت موسيقى الفالس كموسيقى مرافقة لرقصة شعبية في أوروبا لكنها تطورت فيما بعد لتصبح "موسيقى منصة" ومن ثم الى إحدى أصناف القطع الموسيقية الكلاسيكية، فلحّن ليست، شوبين واخرين خصوصا من ملحني الفترة الرومانسية أي قرن التاسع عشر قطع فالس، والتي ابتعدت بعضها جدا عن مزاج الرقصة الشعبية (مثلا مقطوعة ليست - Fourth Mephisto Waltz).

أما زياد رحباني في أغنيته "ايه في أمل" يقدم لنا المزاج التقليدي لجانير الفالس: لحن يتميز بالاستمرارية في العزف (استعمال القوس في العزف على الآلات الوترية وتقنية "الليجاتو") مقابل المرافقة والتي تشدد على الايقاع الصارم (والتي تتميز بالنقر وتقنية "الستيكاتو") والذي يحافظ على وجود سرعة الأغنية في الوعي. في بعض الأحيان يتلاعب معنا الملحن، إذ يغيب المرافقة في بعض البيوت ويظهرها مجددا فيما بعد: فيعطينا شعور بالتحرر من الإيقاع الثلاثي الصارم لبعض اللحظات ومن ثم يعيده ليذكرنا فيه وفي رسالة الكلمات، إلا أن هذا الشعور بالاستراحة وهمي، حيث أن المعزوفة تبقى على ذات السرعة الثابتة من أولها حتى نهايتها. أما جمال هذا الوهم فهو بتلاؤمه مع معنى الكلمات.
تتلاءم هذه "الاستراحات" أيضا مع التوزيع الموسيقي و"الديناميكية" ففي تلك الجمل والتي تسرد لحظات الحنين والملل يسرّب لنا الملحن هذا الزخم الإحساسي من خلال تعدد الآلات الموسيقية والقمة في قوة وارتفاع النوتات. ويظهر ذلك خصوصا من خلال المقارنة مع "بساطة" وثبات التوزيع وعناصر المعزوفة الأخرى في أول جمل الأغنية وما يأتي بعد هذا الزخم.
إلا انه في النهاية "ايه في أمل" هي رقصة فالس بين شخصين ورغم الزخم وقلّته وإبراز المرافقة وتغيبها، تدور الأغنية على إيقاع ثابت ورسالة ثابتة " تنرجع لا مش معقول".